لقد حان وقت تطبيق التعلم الاجتماعي في المؤسسات
جدول محتويات المقال
إذا كنا قد تعلمنا شيئاً خلال السنوات القليلة الماضية فسيكون أن برامج التدريب وبناء المهارات لم تعد كافية، وبالرغم من أننا نشهد صعوبات في تنبيه المؤسسات إلى ضرورة استمرار الموظف بالتعلم بنفس الوتيرة فإن فِرق التعلم والتطوير (L&D teams) واجهت التحدي وشرعت في تطوير مصادر وبرامج جعلت من التعلم والتطوير جزء فعال وممتع من وظائف الموظفين.
نظراً لاحتمالية كون العمل الافتراضي الهجين نموذج للمستقبل القريب فإن التجارب الاجتماعية التشاركية التي تشكل أساس المبادرات التعليمية يمكنها بالتأكيد أن تعود بنتائج مبهرة على صعيد الأعمال.
نظرة عامة
لا يخفى على أحد أن جزء كبير من العملية التعليمية الناجحة يحدث خارج نطاق الجلسات التدريبية الرسمية وأن الحصيلة العظمى مما يتعلمه الموظفون في مكان العمل تأتي من خلال تفاعلهم مع زملائهم وملاحظاتهم ومناقشاتهم العامة غير الرسمية.
في العديد من برامج الالتحاق بالعمل والتدريب الاحترافية، يُطلَب من الموظفين الجدد أن يراقبوا الموظفين الآخرين ويتعلموا منهم ماهية العمل، لمَ يتم الأمر بهذه الطريقة؟
يعود السبب إلى أن الموظفين الجدد يمكنهم فهم آلية العمل من خلال تفاعلهم مع زملائهم، يكفي القول إن التعلم الاجتماعي هو نموذج تعليمي مُؤثر للغاية، ورغم أن العديد من المؤسسات تستخدم صيغاً مختلفة من التعلّم الاجتماعي في برامج الالتحاق بالعمل فإنهم يضيعون فرصة الاستفادة من هذه الاستراتيجيات في برامج تدريب أخرى تُطبَق على نطاق المؤسسة ككل.

لمَ يجب استخدام التعلم الاجتماعي على نطاق أوسع؟
تعتبر معظم المؤسسات التعلم الاجتماعي معقداً قليلاً لأنه يتطلب تفاعل الموظفين مع بعضهم بعضاً بهدف التعلم وهو عملية تصعب إدارتها، نظراً لكون المهارات المطلوبة تتغير باستمرار وبسرعة فإن المؤسسات تحتاج أن تستفيد من التقنيات الناجحة لترفع من إمكانيات موظفيها.
جعل الانتشار والشعبية الساحقة للتكنولوجيا المتقدمة في الوقت الحالي من مسألة اعتماد التعلم الاجتماعي ضمن استراتيجية L&D أمراً يسيراً للغاية، بوجود الأدوات الرقمية الحديثة مثل البرمجيات الاجتماعية والوسائط المتعددة وغيرها من التكنولوجيات أصبح تفاعل الموظفين مع مختلف فرق أقسام المؤسسة أكثر سلاسة وتم تلبية متطلبات التعلم لديهم وإشباع فضولهم والإجابة عن تساؤلاتهم.
يمكن للتعلم الاجتماعي أن يتخذ عدداً لا يحصى من الأشكال ومن بينها محادثات الزملاء والمنتديات والشبكات وتعاون الفريق والتعلم الذاتي والأنشطة الاجتماعية والمدونات.
التعلم الاجتماعي بواسطة نظام إدارة التعلم الفعال (LMS)
تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية حيث نبقى على اتصال دائم بالعالم سواءً من خلال فيسبوك أو تويتر وغيرها من المواقع الاجتماعية الرائدة اليوم التي يستخدمها ملايين الناس يومياً للتواصل مع الأصدقاء، والبقاء على اطلاع على الأحداث والأخبار العالمية، وتنظيم الاجتماعات، ومشاركة الخبرات، واكتشاف أشياء جديدة وأشخاص جدد.
تقوم المؤسسات المختلفة بالبحث عن طرق للاستفادة من مواقع الشبكات الاجتماعية ذات الشعبية الكبيرة، وبدأت المنظمات بإدخال وسائل التواصل الاجتماعي في استراتيجيات التسويق والاتصال، ومن خلال البيانات التي يتم جمعها من وسائل التواصل الاجتماعي يستطيع المسوقين تحديد الاتجاهات العالمية وتحليل إحصاءاتهم في أغلب القطاعات.
ويستفيد المتخصصين في التعليم والتطوير من نظام إدارة التعلم المزود بوظائف الوسائط الاجتماعية المضمنة من قبل المتخصصين في التعلم والتطوير لتحسين جودة تجربة برامج التدريب عبر الإنترنت. يجذب نظام إدارة التعلم المتعلمين بالأسلوب الاجتماعي ويزيد التعاون بين الموظفين.
التعلم الاجتماعي هو أحد أكثر الطرق فعالية لتعلم البشر، ويحدث هذا التعلم وفق نظرية التعلم الاجتماعي لألبرت باندورا وفق أربع خطوات:
1. الانتباه
2. الحفظ
3. الإنتاج
4. الدافعية للأداء
يكون التعلم أكثر كفاءة في البيئة الاجتماعية التي من خلالها تُكتسب المعرفة بشكل طبيعي ثم يُحتفظ بها من خلال التفاعل والتعاون وبدون نهج منظم. وفي الواقع يحدث التعلم الاجتماعي في حياتنا اليومية دون علمنا ودون وجود سبب واضح للتعلم، ونظام إدارة التعلم أحد الأساليب الرائدة لاستخدام التعلم الاجتماعي.
بعض الطرق التي يمكن لنظام إدارة التعلم من خلالها تعزيز مشاركة المتعلمين وتعزيز تأثير التعلم الاجتماعي:
التعلم غير الرسمي
يوفر التعلم غير الرسمي وفق نظام إدارة التعلم طريقة فريدة للمتعلمين للتعلم من بعضهم البعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات التعاون المعرفي. ويتميز التعلم الاجتماعي بكونه أكثر موارد التعلم غير الرسمية فعالية، وهو يمنح المتعلمين القدرة على التواصل مع أقرانهم وتبادل النصائح والمعارف، وكذلك طلب المساعدة من المهنيين الأكثر خبرة. لذى، فإن ما يبدأ كتعلم رسمي يصبح نشاطاً حركياً وغير رسميّ.
منتديات المناقشة والمجتمعات
تعد ألواح المناقشة والمنتديات أكثر الأنظمة الأساسية شيوعاً التي يستخدمها نظام إدارة التعلم للتعلم الاجتماعي. يمكن للمتعلمين الإعجاب والمشاركة والتعليق، التفاعل، طرح الأسئلة، نشر الاستفسارات، الحصول على الردود ومشاركة المعلومات بشكل عام على طاولة المناقشة، ويتم كذلك بدء مناقشات جديدة، ونشر المواضيع أو الرد على مواضيع سابقة. يمكن أن تكون منتديات المناقشة في وحدة التعلم الاجتماعي في النظام بمثابة تشجيع للمتعلمين على فتح قنوات اتصال لتعزيز خبراتهم التعليمية. يمكن للمتعلمين أيضاً إنشاء مجتمعاتهم الخاصة أو المشاركة في مجتمعات المتعلمين الآخرين لمشاركة معارفهم وخبراتهم.
التعاون ومشاركة المحتوى
يصبح التعاون والمشاركة في الوقت الفعلي باستخدام وظائف التعلم الاجتماعي أسهل بكثير بفضل اتصال المتعلمين عبر الإنترنت باستخدام النظام، يمكن للمتعلمين أيضاً الاتصال عبر بث مباشر للفيديو أو عبر ندوة عبر الإنترنت للحصول على تجربة تفاعلية، حيث يقترن البث المباشر بغرفة دردشة لتمكين التعليقات في الوقت الفعلي. من خلال التعلم الاجتماعي، ويمكن للموظفين التعلم باستخدام الصوت والفيديو والرسوم البيانية والبرامج التفاعلية، وكذلك مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
محتوى من إنشاء المستخدم
يعتبر المحتوى المنشأ من قبل المستخدم أحد التأثيرات الرئيسية للتعلم الاجتماعي. يمكن للمتعلمين بواسطة النظام الاستمتاع بمشاركة تجاربهم المفيدة وإنجازاتهم ونجاحاتهم مع أقرانهم وزملائهم، وخاصة على المنصات الاجتماعية. ويمكّن التعلم الاجتماعي المؤسسات أيضاً من استخدام شهادات المتعلمين وتقييمهم كمحتوى أساسي لتعزيز نجاحهم وبرامجهم التدريبية والأعمال التجارية بشكل عام.
التعلم الذاتي والتحفيز
يحظى المتعلمين بإمكانية الوصول لمحتوى الدورة على مدار الساعة بفضل نظام إدارة التعلم ووظائف التعلم الاجتماعي، وأيضاً يشجعهم التعلم الذاتي على تحقيق أهدافهم. ويشعر المتعلمون بمزيد من التحفيز في البيئة الاجتماعية، كما أن الشعور بالمنافسة يدفعهم بشكل طبيعي إلى العمل بجدية أكبر والمنافسة على أعلى مستوى، وبالتالي تحسين مجموعة المهارات الإجمالية للمتعلمين مع زيادة الإنتاجية.
يعمل نظام التعلم الاجتماعي كمنصة متسقة للمؤسسات لمشاركة المعرفة، مما يضمن حصول القوى العاملة على التدريب المطلوب وزيادة الشفافية في ثقافة المنظمة، ويؤثر التعلم الاجتماعي من خلال نظام إدارة التعلم على فعالية برامج التعليم الإلكترون، ويقدم أيضاً نظرة ثاقبة حول مشاركة المتعلم وكيفية تحسينه.

كيف يمكن للتعليم الاجتماعي افادة المؤسسات
هناك العديد من الفوائد التي يقدمها التعلم الاجتماعي للمؤسسات:
1. يخلق ثقافة استمرارية التعلم (التعلم مدى الحياة)
عندما يكون من المهم الاستثمار في فرص التعلم المستمر لمدى الحياة بالنسبة للموظفين بغية تحسين استبقاء المواهب فإن التعلم الاجتماعي يعتبر طريقة عظيمة في إعداد ثقافة تعلم على مستوى المؤسسة ككل، إن التفاعل مع الزملاء والأقران بصورة منتظمة والتعلم منهم أصبح عملية مستمرة تُساعد الموظفين على التقدم في عملهم بطرق مختلفة، كما أن هذه المنصات الافتراضية يمكن أن تشكل طرق لطلب المساعدة من الآخرين ومناقشة المسائل والمواضيع المطروحة وتوفر مصدر مساعدة على مدار الساعة، وقبل كل شيء يُسهم التعلم الاجتماعي في دعم تنمية الموظفين من الناحية المهنية والشخصية مؤدياً إلى نمو المؤسسة.
2. رفع مستوى الترابط والمشاركة
يعود السبب الرئيسي لميل المتعلمين للاعتقاد بأن جلسات التعلم التقليدية مملة، هو أنها غالباً تستعرض أسلوب تواصل أحادي الاتجاه، أما التعلم الاجتماعي فهو تفاعلي ويشمل نشاطات تجعل المتعلمين منخرطين وتشد اهتمامهم، إن التفاعل في مجموعات اجتماعية تقوم على مشاركة التجارب يحظى على إعجاب معظم المتعلمين الأمر الذي يجعل من التعلم الاجتماعي وسيلة رائعة لتناقل المعرفة، فحالما يكون التعلم ممتع فإنه يزيد المشاركة والترابط بشكل طبيعي.
3. ينشر ثقافة التعاون
بما أن التعلم الاجتماعي يتطلب من الموظفين التواصل مع بعضهم بعضاً ومناقشة شتى الأمور فإن البيئة التشاركية في مكان العمل تصبح نتيجة طبيعية يطور الموظفون بها سلوك دعم بعضهم بعضاً والوقوف بجانب بعضهم بعض عند اقتضاء الحاجة، ومثل هذه البيئة التعاونية تسهم في بناء مجتمعات افتراضية تُشجع المتعلمين على المساهمة في منتديات طرح الأفكار وخلق معارف جديدة وبالمقابل يتم بناء مركز تعليمي الكتروني بمثابة مكتبة أفكار يمكن الاستفادة منها في السنوات المقبلة.
4. يزيد الإنتاجية
إن الغاية الرئيسية لكل برامج (L&D) هي زيادة الإنتاجية الإجمالية للمشروع، وبوجود التعلم الاجتماعي الذي يتيح للموظفين التفاعل والتواصل الشبكي مع أقرانهم في المنتديات تنشأ انسيابية في تدفق الأفكار ومشاركة المعارف، يعتبر التعلم نشاط سلس ومباشر أشبه ببساطة الحصول على جواب سؤال في منتدى أو البحث عن مراكز تخزين المحتوى الذي تساهم به المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يمكن للمتعلمين التحكم بمسألة تحسين كفاءاتهم من دون أي انقطاع في برنامج عملهم اليومي.
المراجع:
Amit Gautam, Why Now Is the Time for More Organizations to Leverage Social Learning (March 20, 2022), eLearning Industry, https://bit.ly/3IIFcqk.
Amit Gautam, LMS And The Impact Of Social Learning (April 21, 2019), eLearning Industry, https://bit.ly/3Jwaz8I
ترجمة: هند صالح _ ليال مريشة.
إخراج وتدقيق: عشتار الرصيص _ سماح قبرصلي.
تصميم: كرم فرحة.