لقد ولّى زمن الكتب الثقيلة ونظم إدارة التعلم البطيئة LMS وحلّت الهواتف الذكيّة في مركز تفاصيل حياتنا حالياً وليس التعلّم استثناءً عن هذه الحالة.
كم من المرات التي تحسست فيها يدك هاتفك في لحظة خطر فيها سؤال في ذهنك؟ نحن نلجأ بالفعل إلى هواتفنا الذكية بقصد التعلم عند الحاجة، ويسعى التعلم المتنقل إلى تسخير هذه السلوكيات الموجودة حالياً وخلق فرص دائمة للتعلم والارتقاء بالمهارات.
سيتناول هذا الدليل الإرشادي ماهية التعلم المتنقل، وخصائصه الرئيسية، وفوائده وكيفية إعداد استراتيجية تعلم متنقل قادرة على إحراز النجاح.

تعريف التعلم المتنقل:

يعرف (Webopedia) التعلم المتنقل على أنه:
” هو التعليم (التعلم) المطبق عبر الإنترنت أو الشبكة باستخدام الأجهزة النقالة الشخصية مثل الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، للحصول على المواد التعليمية عبر تطبيقات الأجهزة النقالة، والتفاعلات الاجتماعية، والمراكز التعليمية عبر الانترنت، يتميز بالمرونة التي تتيح للطلاب/المتعلمين إمكانية تلقي التعليم في أي مكان وأي وقت”.
إحدى المفاهيم الخاطئة حول معنى التعلم المتنقل أنه مجرد تعلم عبر الهاتف النقال، يكمن في الواقع أهم عناصر التعلم المتنقل في تركيزه على إمكانية تنقل الطلاب، من خلال منحهم القدرة على التعلم أينما كانوا وفي أي وقت.
مع الأخذ بالاعتبار أن السياق الذي يعمل به الطالب بنفس قيمة الجهاز الذي يستخدمه، لذا سنعرّف التعلم المتنقل بأنه مفهوم قائم على استخدام التكنولوجيا بغاية التعلم عند الحاجة.

فوائد التعلم المتنقل:

يستخدم حالياً 80% من سكان العالم الهواتف الذكية. يرتفع استخدام الهاتف الجوال إلى 97% بين أبناء جيل الألفية الذين يشكلون ما يزيد عن نصف القوى العاملة العالمية، لا تقتصر علاقة جيل الألفية مع هواتفهم النقالة على الاستخدام فقط بل أنهم أيضاً مرتبطين بأجهزتهم، و90% يتركون هواتفهم الذكية على مقربة منهم بشكل دائم.
من المنطقي أن تكون أيسر طريقة للوصول إلى الطالب المعاصر عبر الجهاز الذي يستخدمه ويعتمد عليه إلى حد كبير، ولكن كيف يمكن لذلك أن يؤثر فعلياً على التعلم؟
تظهر الأبحاث أن التعلم المتنقل يحسن الانتاجية بنسبة تصل إلى 43%، وتكون 45% أسرع عند الطلاب الذين يتممون دوراتهم التدريبية مقارنة مع الذين يتعلمون مكتبياً، ويعود هذا بشكل كبير إلى المزايا المعززة من قبل التعلم المتنقل مثل وحدات التعلم المصغر (Microlearning modules) والتلعيب(gamification)، يؤدي اختصار الكميات الكبيرة من المعلومات ضمن أجزاء صغيرة إلى تجربة تعليمية سريعة وسهلة، كما يساعد إضافة العناصر التفاعلية مثل الاختبارات وقوائم المتصدرين على إشراك الطلاب واستمرار تحفزهم.
الأفضل من ذلك، أن إمكانية الدخول إلى كميات صغيرة من المعلومات عند حاجتهم إليها يجعل من التعلم عادة عندهم وليس واجباً ثقيلاً.
بإمكان الطلاب التقاط هواتفهم وإتمام درس مدته 2-3 دقائق ومن ثم العودة مباشرة إلى نشاطهم الذي كانوا يمارسونه، وهذا يعني أنه بإمكان التعلم أن يصبح جزءاً من سير أعمالهم الحالية، كما بإمكان المستخدمين أن يلمسوا قيمة ذلك مباشرة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات تحفيز الموظفين، يعتبر التعلم المتنقل شكلاً مفيداً من منظور الأعمال، يشهد أكثر من نصف كبار رجال الأعمال تحسناً في النمو بعد تطبيق التعلم المتنقل في تدريب موظفيهم، إذ أنه لا يحسن الإنتاجية فحسب، وإنما يعزز بقاؤهم في الشركة أيضاً، تظهر أبحاث من قبل LinkedIn أن 94% من العاملين يمكنهم البقاء في الشركات التي يعملون لديها لوقت أطول إذا استثمرت في مسيرة تطورهم المهني.

كيفية نجاح التعلم المتنقل: 

نحن نعلم الأسباب التي تجعل التعلم المتنقل مفيداً فيما يتعلق بتدريب القوى العاملة، لكن ماذا بوسعنا أن نفعل لضمان تلقي أقصى استفادة من التحول الرقمي.
فيما يلي أهم النصائح لوضع استراتيجية فعالة ومؤثرة للتدريب المتنقل.

١. اجعل البدء سهلاً:

سيقرر الطلاب بـ4-5 نقرات ما إذا كانت منصة التعلم المتنقل تستحق الجهد بالفعل، اجعل الطالب منسجماً في بداية استخدامه للمنصّة واعمل على تسهيل استئناف التعلم بمجرد القيام بتسجيل الدخول – نحن نقوم بذلك فعلياً مع التعلم السلس الذي يتيح للطلاب إمكانية الدخول المباشر إلى المحتوى التعليمي بدون الحاجة إلى تسجيل الدخول.

٢. صمم التعلم المتنقل الخاص بك ليكون عبر الهاتف النقال:

ليس التعلم المتنقل مجرد تقليص للتعلم الإلكتروني المكتبي ليتناسب مع شاشة الهاتف الذكي بل فكر بكيفية استخدامك أنت وطلابك للهاتف النقال، ومن ثم انطلق من هذا لخلق تجربة تعلم متنقل تفاعلية وممتعة. سيساعدك تكرار الإجراءات المألوفة من خلال أكثر تطبيقاتها استخداماً على إنشاء واجهة تواصل تلقائية وسهلة الاستخدام.

٣. الاستفادة من التعلم المصغر في تعزيز الاستبقاء:

إن دمج التعلم المصغر مع استراتيجية التعلم المتنقل هو الوصفة المثالية لرفع المشاركة والاحتفاظ بالمعرفة على المدى الطويل، اختصر الفقرات النصية الطويلة إلى دورات تدريبية قصيرة وسريعة تحتوي فقط على المعلومات التي يحتاج الناس فعلياً لمعرفتها للنجاح في أعمالهم، تكمن النقاط المهمة في دفعات مدتها 2-4 دقائق.

4. استخدم محتوى الفيديوهات:

هناك سبب يفسر اعتمادنا على دروس يوتيوب بدلاً من الكتب في هذه الأيام: نحن أكثر ترجيحاً بنسبة 95% للاحتفاظ بمعلومات مقدمة بشكل فيديو، لأنه يسهل ببساطة على عقولنا عملية الاستيعاب، حاول تضمين الفيديوهات في محتوى التعلم المتنقل الذي تقوم به من خلال: إدراج ترحيب شخصي من قبل الرئيس التنفيذي للشركة، عرض إشارات الأمان، اصطحاب في جولة من الحياة اليومية، نسخ محتوى الفيديو ذو الحجم الصغير الذي نعتاد على استخدامه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

٥. جرّب التلعيب:

يؤدي تطبيق عناصر التلعيب مثل النقاط، قوائم المتصدرين، وفرص “رفع المستوى” إلى تجربة أكثر إمتاعاً للمستخدمين النهائيين، ويشجع على تكرار الاستخدام- لهذا نُدمن على تطبيقات الألعاب الموجودة على هواتفنا، وهذا بدوره ما سيعزز معدلات إنجاز التدريب.
في الواقع، فإن الشركات التي تطبق عناصر التلعيب في تدريباتها، تشهد زيادة بمقدار 60% من المشاركة وتحسن بنسبة 50% في الإنتاجية.

٦. استخدم لهجة حوارية مرحة:

إن جملة “تدريب الشركات” تثير شعوراً بالتوتر وعدم الارتياح عند معظم الناس، احرص على تحدي هذا الانطباع من خلال استخدام لهجة حوارية مرحة في برنامج التعليم المتنقل الخاص بك – فيغدو أكثر إمتاعاً ويولد الشعور بأن هذا التدريب أبسط من مجرد ” مهمة أو تكليف” كما أنه أفضل ملائمة لمنصة غير رسمية بشكل كبير.

٧. شجع استمرارية التعلم:

تكمن جمالية التعلم المتنقل بأنه يقدم 24/7 من إمكانية الدخول إلى التدريب الذي يستطيع المستخدمون النهائيون إتمامه في مكان وزمان مناسب لهم، كما أنه لا يتطلب التوقف عند الإعداد، شجع التعلم المستمر من خلال اقتراح سبل جديدة للارتقاء بمهاراتهم وتعزيز أدائهم – وهذا يمكن تحقيقه من خلال إنشاء إشعارات سياقية ومفعلة ترسلهم مباشرة إلى الدورة التدريبية المعنية.

المرجع : https://bit.ly/3IZMOWa
ترجمة: نور مهنا
إخراج وتدقيق: عشتار الرصيص
تصميم: عدنان الخطيب