تفاعل العقل: المضي إلى مدىً أبعد من التعلم السلبي
محتويات المقال
لطالما كان التفاعل عنصراً صاخباً في التعلم الرقمي. في الواقع، نحن نميل إلى مساواة التفاعل مع الانخراط، لكن لا يمكن اعتبار تحريك فأرة الحاسوب أو ضغط زر، ببساطة تفاعلاً مثمراً. إذا ما الذي يتطلبه التفاعل الهادف؟ تابع القراءة لمعرفة المزيد.
لماذا ينبغي تصميم برنامج تعلم جذاب؟
لعله لمجرد أن أراد الفيلسوف أرسطو أن يكون محايداً بين الأجناس، أطلق عبارته الشهيرة التي تقرأ بشكل مختلف لهذا اليوم: “البشر حيوانات ناطقة” وبالفعل، نحن نحتاج إلى التفاعل لنكون سعداء، ولنتطور ونتعلم. ومع هذا، كيف يمكننا توظيف التفاعل عندما يتعلق الأمر بالتعلم في مكان العمل؟
فهم أنواع التفاعلات
بالعودة إلى العام 1989، عرّف ميشيل مور ثلاثة أنواع للتفاعل في إطار التعليم عن بعد:
- فاعل الطالب مع المحتوى:
هو عبارة عن عملية فكرية للتفاعل مع المحتوى، ويؤدي إلى إحداث تغيرات في استيعاب الطالب ومنظور أو البنى المعرفية لعقله. - تفاعل الطالب مع المعلم:
يساعد المدرسين على حث الطالب أو على الأقل المحافظة على اهتمامه، وعلى تحفيزه على التعلم من خلال توظيف كل من التوجيه الذاتي والتحفيز الذاتي. - تفاعل الطالب مع الطالب:
يحدث بين طالبين أو أكثر مع أو بدون وجود معلم يساعد بتدريس مهارات العمل الجماعي.
هل تبدو هذه الشروحات قديمة بعض الشيء في عصرنا الرقمي؟ هل يكفي النقر على زر “تشغيل” ليعمل مقطع فيديو أو تتغير الصفحة؟ أم أننا نخطئ بالخلط بين الإبهار الرقمي والتفاعل المؤثر؟
مستويات التفاعل
شرح ريك بلانت 4 مستويات للتفاعل استناداً على التشعب الآلي وذلك منظور أساليب تسيير الأعمال:
التعلم السلبي
- فيه يكون الطالب متلقياً فقط للمعلومات.
- يتضمن النصوص، الرسوم، مقاطع صوتية وفيديوهات بسيطة، أسئلة اختبار (اقلب الصفحة، حرك مقطع الفيديو للأمام).
التفاعل المحدود
عبارة عن استجابات بسيطة للنماذج التعليمية.
يستخدم الوسائط المتعددة وبعض التمارين (تدريب وممارسة).
التفاعل المعقد
مجموعة من الاستجابات للنماذج التعليمية باستخدام تقنيات مختلفة (التفرع المتشعب، والاختيارات).
التفاعل الآني
- يتضمن الانخراط الكامل، أداء المهام المُحاكى، والملاحظات الراجعة المباشرة (المحاكاة الآنية هي بيئة تشغيلية).
- يتطلب التعلم العالي المستوى والتعلم حول الأداء في مكان العمل تفاعلاً آنياً ومعقداً.
- من هنا، يتمحور التركيز على مستويات بلوم الأعلى للتعلم:
التطبيق، التحليل، التقييم، والإنشاء. على الطلاب التفكير والممارسة إلى أن يكتسبوا الكفاءة والإتقان. نفاعل العقل
تفاعل العقل
لطالما كان التفاعل عنصر صاخباً في التعلم الرقمي، ولكن للأسف، ينظر إليه على أنه حل شامل لكل علل التعلم الإلكتروني، ومبرر لرفع التكاليف “نظراً لوجود العديد من مستويات التفاعل”
نحن نميل إلى المساواة التفاعل مع الانخراط. دان براون هو أحد كتابي المفضلين. لقد حافظ كتاب شفرة دافنشي على حالة الانخراط لدي بشكل كامل، وإن كان تفاعلي الوحيد هو قلب الصفحات. وأعتقد أن تلك حالة من حالات تفاعل العقل، وهي غير منطوية على استخدام أي جهاز. كما أني أعتقد بأنه يجب أن ينطوي أي تفاعل نقوم به في إطار التعلم على تفاعل العقل.
عادة ما يتّبع كتّاب السيناريو عند الحديث عن شكل الخيال المصوّر، بنية ثلاثية الفصول. يتضمن الفصل الأول المقدمة ونقطة الحبكة الأولية بينما يشرح الفصل الثاني ماذا سيحدث للشخصيات مع حدوث انعطاف ما في الحبكة. يتميز الفصل الأخير بالذروة التي ربما لا يتوقعها المشاهد.
تصمم هذه الهيكلية لإبقاء الجمهور متعلقاً بحماس بالقصة وهو أمر من الجيد اتباعه عند التخطيط لبناء التفاعل. (يُذكر أنه ينسب لأرسطو البنية الثلاثة فصول لأنه حدد أنه يجب أن يكون للتراجيديا بداية ومنتصف ونهاية).
ينبغي أن يمكّن التفاعل الطلاب من تطبيق ما تعلموه في السيناريوهات الواقعية إلى جانب الأقران إضافة إلى الخبراء، والتقييم الفوري لمنعكسات قراراتهم.
كما على التعلم التفاعلي أن يدعو إلى اكتساب مهارات التعلم العليا. والمضي إلى ما هو أبعد من مجرد التحفيظ والانخراط التفاعلي. لا يمكن أن يكون تحريك فأرة الحاسوب أو ضغط زر ما تفاعلاً مثمراً.
لسوء الحظ، نتوجه أحياناً إلى النقيض المقابل، ونبالغ بالرسوم المتحركة والتأثيرات الخاصة وكل هذا باسم التفاعل. قد يكون ذلك مسلياً أو على الأرجح مشتتاً للانتباه. ولكن ليس من المرجح أن يكون مساهماً في تحقيق هدف التعلم المفيد. إن إجهاد ضغط زر (التالي) الناجم عن انتظار الطالب لظهور “التالي” هو أقل وميضاً، لكنه أيضاً غير مثمر بصورة متساوية، لمجرد مواصلة التقدم وإكمال الدورة التعليمية.
قد يتعرض برنامج التعلم المقدّم رقمياً إلى العلل التي تحدث مع العديد من حالات التحميل الفائض بالمخططات والرسوم وعدد لا يحصى من القوائم النقطية على العروض التقديمية والشاشات، وبالكاد يستطيع الطالب البائس اكتشاف الرسالة الأساسية قبل ظهور الشريحة التالية.
تفاعل حقيقي
كما ذكر إيثان إدواردز، التفاعل هو جوهر أي تواصل تعليمي.
إن ما يطلب من المتعلم أداءه حرفياً له تأثير بالغ في خلق التركيز وإشراك الانتباه والحواس بشكل كامل، وتكوين ذكريات، ووضع نموذج لنقل المهارات إلى بيئة الأداء. يبين النشاط أفعال وبوادر معينة يقوم بها الطالب لمواجهة التحدي. لا يمكن في الواقع تحقيق تفاعل بدون وجود جزئية النشاط؛ تكمن الحيلة في تصميم نشاطات تولد التعلم.
ويتابع مقترحاً 4 سبل للقيام بذلك:
اجعل النشاط ملاحظاً ومتفرداًد
خفف من الحاجة إلى القراءة. رغم أن القراءة مهمة، لكن لا يوجد في بيئة التعلم الإلكتروني مؤشر موثوق للتأكد فيما إذا كان الطلاب يقرؤون كل ما هو متوقع منهم.
إذا لم يكن بالإمكان ملاحظة أو قياس نشاط ما، لا يمكن فعلياً إدارته وسيفشل التصميم التعليمي. إن العدد “الضخم من الطلاب الذين لا يقرؤون ببساطة” يضع واجباً لتجاوز القراءة.
يجب أن تستلزم النشاطات الاهتمام والتفكير
يمكن للمرء المجازفة باختيار الاجابة الصحيحة على سؤال جيد قديم متعدد الخيارات بدون أن يكلف نفسه عناء التحدي الحقيقي المطروح. لا مجال لتقييم إذا ما كانت الاجابة تخمين جيد أو حصيلة جهد حقيقي.
محاكاة السلوك الواقعي
يجب أن يخلق النشاط الصحيح شكلاً خيالياً للموقف الواقعي وإن كان يجري على الشاشة. ينبغي أن يشعر الطلاب أنهم يتخذون القرارات، ويبدون البوادر الحقيقية المؤدية إلى نتائج واقعية.
تستلزم النشاطات الجيدة بذل الجهود
من منظور مثالي، ينبغي أن يوفر التفاعل “الإمكانيات لمجال واسع من الإشارات أو النتائج التي يختارها الطالب ومن ثم ينفذها” . قد يتضمن الايماء الأخير مجرد نقرة عبر فأرة الحاسوب، إنما يجب أن يتبع “تجربة استباقية استكشافية” وينبغي أن يكون “حصيلة التفكير النشط والعمل المركز”.

المكافأة: وجوب التحدي والإثارة
يجب أن يكون للتفاعل هدف واضح، وأن يحفز وأن يشارك بصورة هادفة باعتباره مقوّم ضروري لعملية التعلم.
كما ذكر دانييل كايل:《يتعلم الكثير من الناس عبر الممارسة بدلاً من الاطلاع. هم بحاجة للشعور بأنهم يُمنحون فرصة للقيام بالإجراءات التي أُبلغوا أنها متوقعة منهم. يوفر التدريب الممتاز للطلاب فرصاً للقيام بذلك عبر عناصر تفاعلية محكمة ومدروسة جيداً》.
تقترح إليزابيتا غالي أنه ينبغي للشركات أن تنظر في برامج المستهلكين للاستلهام:《يستخدم الموظفون وسائل التواصل الاجتماعي ويقومون بالبحث في أوقاتهم فراغهم لإرضاء فضولهم حينما يحتاجون لذلك. وهذا ما ينبغي أن يكون مماثلاً بالضبط في العمل. علينا خلق تجارب تعلم مؤسسية لتتناسب مع درجة تجارب المستهلكين》، للتفاعل دور أساسي في تقديم تجربة ما في الوقت المناسب.
تصميم برنامج جذاب للتعلم هو مهمة صعبة للمصممين. وإن استحداث تفاعل هادف يجعله أكثر صعوبة وإيلاماً بعض الشيء.
على كل حال، باقتباس قول أرسطو لمرة أخيرة:
“التعلم ليس لعبة طفل، ليس بإمكاننا التعلم بدون ألم”
المرجع:
Interactivity Of The Mind: Going Beyond Passive Learning
ترجمة: نور مهنا – جودي خيربك
تصميم: خولة حسن
جديد مقالاتنا
- أهم أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة المحتوى
- مستقبل العمل: دمج الذكاء الاصطناعي مع العمل الحر
- سوق العمل : 5 خطوات من أجل الدخول لسوق العمل بقوة
- رحلة التخطيط الوظيفي من الجامعة حتى المسار المهني
- كيف تختار التدريب الأكاديمي الأفضل لمسيرتك
- أسباب الرفض في المنح الدراسية، مع أفضل الحلول
- دليلك في كتابة المحتوى: أهم الأخطاء الشائعة، ونصائح لتجاوزها